في الصميم
انا وانت والسلام
بقلم د. نيرفانا حسين الصبري
من الطبيعي ان نحيا في سلام وامان وان ننشر الخير فيما بيننا وان نعلو ونسمو عن الخلافات، ولكن تظل بيننا الإختلافات سواء في الرأي أو الثقافة أو العلم اوحتي التربية . فلكل منا بيئته واصوله الجذرية وعاداته وتقاليده واتجاهاته الفكريةوالتعليمية، وهذا كله يجعل بيننا الاختلاف
واذا تأملنا الحكمة البالغة لله سبحانه وتعالى في خلقنا بهذا الاختلاف حتي تستكمل شخصية كل منا بالاخر، وتستند عليها وقت الاحتياج والشدائد .. فنحن في درجات متفاوته دائما . وهذا الامر يصب في مصلحة الانسان ليعيش في الحياة وهو يجد السند والدعم الانساني
والاختلاف في حد ذاته يظهر بصورة كبيرة في الآراء التي تطرح من حولنا ، وقد نصل بها الي البعد الشخصي بمعني "أنت لست معي إذن أنت ضدي” أو “أنت مخطئ” أو “ذوقك سيئ...الخ”…
أو نصل بها الي التعصب لآراء معينة ، وفي كل الاحوال تفسد النفس وتتسبب في المشاكل بل واحيانا الي قطع العلاقات..
فبعض الأشخاص لا يدركون أبداً معنى ثقافة احترام الرأي الآخر.. أو كيف ومتي ابدي رأي .. أو متي اتكلم ومتي أصمت.. فمهما احتد النقاش لا ينبغي أن يؤثر علي شخصيتنا او ثقتنا بأنفسنا او علاقتنا او الصالح العام لمن حولنا .
فالمتعصبون لارائهم لا يعتبرون هذا الاختلاف خطأ فقط، بل تهجما عليهم أو تقليلا من شأنهم اذا ناقدهم او اختلف معهم احد .
وعلي ذلك فالانتصارات اللحظية التي تظن أنك أحرزتها بالجدل والنقاش الحاد هي في الحقيقة انتصارات وهمية لا عائد منها غير الخسارة في العلاقات وانتهاك للجهد والوقت .
بينما الامر في غاية البساطة هو فقط احترام وجهات النظر المختلفة.
ولهذا من الضروري في هذه الاحوال أن نتقن آداب الحوار ، والاستماع للآخر ، والتحاور والنقاش بسلام وامان . فالمعتقدون أن مخالفتهم لارأئهم انتقاص لشخصيتهم وفقدان لهيبتهم لديهم نقص في بناء شخصيتهم .
وهذا يظهر بموضوعية أساسا في تربية الفرد، وفي ثقافته الشخصية، وفي فن التعامل مع الآخرين، وفي القدرة على استيعاب وجهات النظر المختلفة، وفي المخزون الايجابي من التجارب الحياتية.
الله خلقنا مختلفين وهذه نعمة لنا ، فعلينا احترامها. لا جعلها سببا للعراك الفكري والنفسي والمعرفي... وتحديا في اثبات الرأي بالقوة
هذا التشاحن يجعل من نناقشه لا يستمع إلي ما نقوله.. ولا يهتم بمحاولة الفهم والاستيعاب حتي ولو كان الرأي صحيح ، ففي حين تكون أنت منشغلا بالكلام وإبداء رأيك، يكون الطرف الآخر يفكر في الرد عليك: ماذا سيقول ؟ وكيف يثبت خطأك؟ او كيف يثبت جهلك؟
يمكننا أن نجعل جدالنا إيجابيا، هادئا، هادفا وبشكل موضوعي. بدل تحويل النقاش إلى حلبة مصارعة، ونشوب التعصب الفكري .
ولنعلم جيدا أن اختلاف الآراء ووجهات النظر أمر وارد دائما. وإنه ليس بالخلاف الشخصي ولكن هو الاختلاف الذي يجذبنا إلي التواصل والحوار واللغة والمعرفة والفكر الراقي والابداعي وما أمرنا به الله في نشر السلام والطمأنينة
لذلك أقنع نفسك بالاختلاف الذي لا يصل إلي الخلاف حتي لانفسد نفوسنا ولا يفسد الود بيننا قضية
لكم مني السلام وكل الود كما أراده الله لنا .
بقلم د. نيرفانا حسين الصبري
استاذ العلوم الاجتماعية المشارك بكلية الآداب جامعة الافرو اسيوية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق