في الصميم
مقالي اليوم بعنوان السياحة المستقبلة والتنمية المستدامة ـ السياحة العلاجية بمصرنموذجاً
بقلم د. نيرفانا حسين الصبري ـ جامعة الأفرو اسيوية
نتكلم كثيراً عن التنمية وربما لا نعرف انها فرض علينا جميعاً حين امرنا الله في استفتاح كلامه بكلمة ( اقرأ ) والقراءة تأتي الينا بتنمية الذات بالمعرفة والعلم ، فكلنا علينا التنمية المستدامة ، وكلنا يستطيع ذلك بالتوعية وتغيير ثقافة الجهل بالأشياء وتعميق تاريخنا وحضارتنا في نفوس الابناء والأجيال القادمة . وربما السياحة في أي دولة تُعَد من اهم آليات التنمية المستدامة التي تخص جميع الطبقات الاجتماعية وايضاً من اهم الانماط التربوية للتنشئة الاجتماعية في كافة الوسائط التربوية والاعلامية
ولذلك تعتبر السياحة؛ نقل تراث وصورة راقية لمجتمعاتنا الي العالم ؛ لنًظهِر بها التقدم الرباني الذي نحظى به وسائر الشعوب الأخرى، وأننا نملك ونملك بقوة للسير قدما نحو الأفضل... وفي رأي التنمية ليست حكرا علي دولة ولا حكومة ولا قيادة... التنمية في ذاتنا وفيما خلقه الله لنا من نعم كثيرة .
والسياحة لها انواع كثيرة منها السياحة التاريخية والاثرية وسياحة المؤتمرات والسياحة الدينية والسياحة الرياضية والسياحة العلاجية والسياحة الترفيهية وانواع اخري تتحدد بنوع العمل الذي يقوم به الفرد ولكن ما معني تحديداً بالسياحة العلاجية هي ببساطه
السفر خارج البلد الذي يقيم فيه الشخص في سبيل تلقي الرعاية الصحية في مجال الخدمات الصحية بسبب عدم وجودها في أماكن أخري، ويكون من بينها أيضا رحلات سياحية لمشاهدة المعالم الشهيرة في هذا البلد وممارسة الأنشطة السياحية
وتعتمد السياحة العلاجية علي مخزون العناصر الطبيعية التي يتمتع به المكان مثل ينابيع المياه المعدنية- والبحيرات الكبريتية واشعه الشمس والنباتات الطبية . وإذا اخذنا مصر على سبيل المثال نجد لها باع طويل في هذا المضمار منذ الأنبياء الذين شرُفت مصر بقدومهم او بوجودهم علي ارضها فنجد
1ـ *أول عاصمة في العالم* **في مصر وهي (الكاب* )* أسسها سيدنا إدريس
ومعناها( الكا ) الروح (واب ) القوة معناها القوة الروحية وهو عندما أطلق عليها هذا الاسم كان يعلم إنها القوة و الطاقة، وهذه البلدة الآن قرية تبعد عن أسوان حوالى 150 كيلو وعن ادفو 20 كيلو أول من بناها هو نبي الله إدريس عليه السلام – وهو النبي الذى ذكر اسمه في القرآن دون قصه له.
وقد كانت هذه البلدة عاصمة مصر في عصور ما قبل التاريخ ومنها ولد موحد القطرين الملك مينا – ثم أصبحت فيما بعد عاصمة الإقليم الثالث لها طوال فترة تزيد علي الثلاثة آلاف عام حتي حكم عصر البطالمة لذلك فيها علاج القوه والطاقة
*2- عين حلوان
تقع عيون حلوان فوق مستوى النيل بما يقرب من 33م ويبعد عنها النيل بمسافة تقدر
بحوالي 4كم، والمنطقة الموجود فيها العيون تقدر بحوالي 4.5 كم في الناحية الشمالية الجنوبية وبحوالي 3.5 كم في الناحية الشرقية الغربية.
عين حلوان من أشهر العيون المائية في مصر، وتلك الشهرة بسبب كمية الكبريت المعالجة، و بعد فحص وتحليل مياه عيون حلوان وجد العلماء أن هذا الماء يُعَد من أغنى العناصر الشفائية الطبية، وبالإضافة إلى مناخ حلوان الجاف فهذا يهيئ جواً مناسباً للاستشفاء من أمراض عديدة أهمها الأمراض الجلدية والآلام الروماتيزمية والمفصلية وأمراض الكبد والمسالك البولية وغيرها، ويعتبر مناخ حلوان بهذا مثالي للمصحات العلاجية. و السبب في وجود هذه العيون انسيابها بالقرب من بركان خامد تقريبا ، والماء يخرج منها شفافاً وصافياً إلى سطح الأرض لكن عند ملامسته للهواء يُغَطى بطبقة من الكبريت المخلوط بملح الكالسيوم، وهذا الماء من أغنى العناصر الشفائية الطبية لكثير من الأمراض .
وقد ظهرت التنمية المستدامة في هذه المنطقة في مركز حلوان الكبريتي للروماتزم والطب الطبيعي عندما تزودت بالطراز الإنساني والصحي في صورة غرفا للعلاج بالمياه الكبريتية وغرفاً للاستراحة، وشاليهات لإقامة المرضى على بعد خطوات من أماكن العلاج وجميعها محاط بحدائق جميلة لتوفير مكان رفيع لإقامة المرضى لتصبح منتجع سياحي طبى عالمي تستفيد الإنسانية منه
*3- العين السخنة
سميت بالعين السخنة لكثرة العيون الكبريتية الساخنة فيها والتي تستخدم كعلاج للعديد من الأمراض الجلدية والتهاب المفاصل والنقرس واضطرابات الدورة الدموية
*4- سفاجا
تحتوي رمال سفاجا على 3 مواد مشعة غير ضارة وهي:
(اليورانيوم والثوريوم، والبوتاسيوم) ، ونظرا لاحتوائها على كمية مرتفعة من أملاح الذهب فإنها تستخدم في علاج أمراض الروماتويد والارتشاح المفصلي، وعلاج الصدفية.
*5- سيوة وسانت كاترين وجبال كهفوف الملح
في سيوة وسانت كاترين كهوف ملحية مصنوعة خصيصا للأشخاص الذين يعانون من الأمراض العصبية والنفسية فهو يساعد على خروج الطاقة السلبية من الجسم واستبدالها بطاقة إيجابية، كما يساعد على التخلص من التوتر، ويعالج حساسية الصدر والغدة الدرقية وارتفاع ضغط الدم
وفي سيوة ايضاً عيون المياه التي تستخدم للأغراض العلاجية من الأمراض الصدفية الروماتيزمية، وتعد “عين كيغار” أشهرها حيث تبلغ درجة حرارة مياهها 67 مئوية وتحتوي على عدة عناصر معدنية وكبريتية . وبتحليل مياه هذا البئر وجد أنها تحتوي على عدة عناصر معدنية وكبريتية تماثل العيون المعدنية بمنطقة كارلو فيفاري التشيكية الشهيرة
*6- سيناء
سيناء مليئة بالكنوز السياحية، حيث تحتوي على المياه الكبريتية، والتي تستخدم في علاج
الكثير من الأمراض كالروماتيزم وأمراض الجهاز الهضمي وحساسية الرئة وأمراض الكبد والأمراض الجلدية وإصابات الملاعب، وتحتوي سيناء على الكثير من العيون المائية أشهرها حمامات موسى، ووادي المغارة، ودير السبع بنات
*7- جبل الدكرور
يقع في الجنوب الشرقي من واحة سيوة، ويعتبره مواطنو سيوة جبلاً مقدساً، اكتسب الجبل عند الأهالي منذ القدم أهمية علاجية في الأمراض الروماتزمية وآلام المفاصل والشعور العام بالضعف والوهن. ويقوم على العلاج شيوخ متخصصون في طمر الجسم بالرمال (العلاج بالدفن) خلال ساعات محددة من النهار.
*8ـ الواحات البحرية
يوجد بها نحو 400 عين للمياه المعدنية والكبريتية الدافئة والباردة التي أثبتت البحوث قيمتها العلاجية في أمراض الروماتيزم والروماتويد والأمراض الجلدية،
*9ـ الواحة الخارجة
تقع على بعد 232 كم جنوب أسيوط (جنوبي القاهرة)، تحتوي على آبار عميقة ذات فوائد علاجية مختلفة كآبار بولاق وآبار ناصر وآبار موط ، التي تعمل على علاج الأمراض الروماتيزمية والآلام المزمنة والأمراض الجلدية وحصى الكلى المصحوب بالمغص الكلوي، واضطرابات الجهاز الهضمي والصدفية
وتنتشر بالقرب منها الكثبان الرملية الناعمة التي يمكن استخدامها للعلاج بالطمر في الرمال (العلاج بالدفن) في أمراض المفاصل مثل الروماتويد والالتهاب العظمي المفصلي، والآلام الناجمة عن ضمور غضاريف الفقرات الظهرية والقطنية والعجزية
إن بلادنا العربية مليئة بالثروات الطبيعية التي تُذهل العالم وتشده إلينا عبر انواع السياحة المتعددة والمختلفة سواء علاجية او ترفيهية . وإذا كانت مصر نموذج لهذه السياحة العلاجية واستطاعت أن تُنشِئ فيها تنمية مستدامة ، فإن الكثير من الدول أيضا قد استفادت من طبيعة تكوينها الجغرافي وأراضيها المليئة بكنوز خلقها الله لتنعم الانسانية وتعمير الارض
*والتنمية المستدامة في السياحة العلاجية ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالارتقاء والانتعاش الاقتصادي سواء للدولة او الأفراد ؛ ذاكرة في هذا المضمار بعض الأشخاص الذين يعالجون المرضي بدون طب كيمائي مؤكدة أنه يتوجب علينا احترام الطب البديل ، واحترام الأشخاص الذين لديهم قدرة في علاج المريض . مشيرة إلي أنه يجب علينا عدم الحجر علي الآراء الطبية او اي فكرة طبية لدي أي إنسان ، فالطب البديل موجود في النباتات والأعشاب الطبيعية وفي الأجواء الصحية وفي التربة الخصبة التي حبانا الله بها في شتى بقاع الارض سبحانه وتعالي ( خلقها وقدر اقواتها )
وحين نذكر علي سبيل المثال فيروس كورونا انه مرض يمكن علاجه بطب بديل في أنواع خضروات أو فاكهة أو أعشاب نباتية وهكذا... أي هناك ما يعطي المناعة.
وقد قرأت عن ما يسمي العلاج بسم النحل وذلك من خلال لسع النحل مباشرة ، او أننا نأخذ المادة الفعالة لسم النحل ونحقن المريض بالمادة المستخلصة لسم النحل ويتم إضافتها لمحلول وبعدها نقوم بتعقيمها وتنقيتها ومن ثم نحقن المريض تحت الجلد وذلك من خلال ما ذكرته الابحاث الطبية
فسبحان الله سم النحل يمنح مناعة للجسم لأنه يعمل علي تنشيط الجهاز المناعي كله ويعمل علي علاج مرضي السكر وامراض المناعة والأمراض الفيروسية وهذا بعد تحضيره بطريقة نقية تحت تعقيم شديد .وهذا تصديقا لقوله تعالي ( فيه شفاء للناس )
ويقول المولي عز وجل ( لا تلقوا بأيديكم إلي التهلكة ) أي البعد عن الملوثات والتمتع بسحر الطبيعة وما فيها من نعم كثيرة ، كما ذكر الله عز وجل في قوله ( ومن سعي إليها..) السعي المأمول والناتج المضمون لإسعاد البشرية والحفاظ علي البيئة وطبيعتها ، لنستطيع بحق أن نقوم بتحقيق هدف وجودنا كما ذكره الله سبحانه وتعالي بإعمار الارض ونحقق ذاتنا بين الأمم
لذلك يتوجب علينا كشعوب وأمم ان نتحد جميعا يدا بيد من أجل تنوير العقل البشري لإعلاء الفكر الراقي الواعي المثقف بأهمية التنمية المستدامة في قطاع السياحة وخاصة العلاجية في بلادنا ، وان نُحيي ما يسمي بالضمير الواعي الحي الذي يخاف علي وطنه وينتمي اليه، وأن نحافظ علي النعم التي وهبتها لنا الطبيعة والبيئة وننميها لدينا داخليا قبل أن يكون خارجيا فكلنا راع ومسئول عن رعيته أي كل فرد في اي مكان سواء كان مواطن عادي او مسئول فالجميع في مساواة لتحقيق التنمية المستدامة لوطنه وبلده .
وفقنا الله جميعا نحو كل خير لبلادنا وجعلنا ممن لديهم القدرة في التنمية المستدامة لأجيالنا المستقبلية .
أ. د. مشارك نيرفانا حسين الصبري ـ كلية الآداب ـ جامعة الأفرو اسيوية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق